أشهر الجماعات المتشددة في جنوب شرق آسيا
تعاني الأقليات المسلمة في سريلانكا والصين والهند والفلبين، من أوضاع اجتماعية واقتصادية مزرية، وفي محاولة التخلص من هذا الوضع، مع خطاب إسلامي عاطفي يركز على الجهاد كحل أمثل لتعديل أوضاع المسلمين، تأتي مرحلة التجنيد المباشر لبعض شباب المسلمين، أو ضم جماعات الى صفوف التيار الجهادي العالمي سواء القاعدة أو داعش.
في هذا التقرير نحاول إلقاء الضوء على أشهر الجماعات المتشددة في هذا الإقليم، سواء التي بايعت تنظيم داعش أو التي مازالت على صلة بتنظيم “القاعدة”، والبداية مع إندونيسيا.
1 – الجمــاعـة الإسلاميــة
رسمياً تأسست “الجماعة الإسلامية الإندونيسية” في كانون الثاني (يناير) 1993، على يد عبدالله سنغكر، الذي تولى منصب أمير “الجماعة حتى وفاته العام 1999، لكن لا يمكن عزل نشأة الجماعة الاسمية عن جذور الفكر الجهادي في إندونيسيا الذي ظهر مع جماعة دار الإسلام، التي ظهرت في أربعينيات القرن العشرين، وأعلن زعيمها، سيكارماجي ماريدان كارتوسوويرجو تأسيس “دولة إندونيسيا الإسلامية” في المناطق التي سيطروا عليها في الإقليم العام 1949، ما تسبب في اندلاع مواجهات مع الجيش الإندونيسي استمرت لمدة 13 عاماً.
أُلقي القبض على كارتوسوويرجو العام 1962، ومع طول الصراع تفكك التنظيم بتفرق أعضاء الحركة، وانضم بعضهم لحركة آتشيه الحرة التي تُطالب بالانفصال منذ العام 1979، وأسس الباقي “الجماعة الإسلامية الإندونيسية” كهجين فكري بين السلفية الوهابية والفكر الجهادي المسلح، وكجماعة سرية غير رسمية، وكان أول أهداف الجماعة هو إقامة دولة إسلامية، في جنوب شرق آسيا، تضم ماليزيا وإندونيسيا وسلطنة بروناي والفلبين وتايلاند وسنغافورة، تحت اسم “نوسانتارا” الإسلامية، ووصفت الجماعة نفسها بأنّها “عابرة للحدود”.
نشطت الجماعة في هذه الحقبة في مواجهة التيار الشيوعي، وأرسلت أتباعها للمشاركة في حرب أفغانستان، مما جعلها تمتلك كوادر قتالية ذات كفاءه عالية، مع بداية تسعينيات القرن الماضي ظهرت بوادر إصلاحية في إندونيسيا، فأعلنت الجماعة عن نفسها بشكل رسمي في 1993.
ظلت الجماعة متماسكة حتى وفاة أميرها عبدالله سنغكر العام 1999، ثم تولى قيادة الجماعة أبوبكر باعشير، وفي رغبة منه لتوحيد الفصائل الجهادية اتجه الى تأسيس ما عُرف بمجلس شورى المجاهدين، ففي العام 2000 اجتمع نحو 1800 من جهاديي أندونيسيا، وقادة الجماعات الصغيرة وبقايا تيار دار الإسلام وكذلك المجموعات التي عادت من ماليزيا والعائدون من افغانستان، ليكونوا مجلس شورى بينهم ينظم عمل الإسلاميين، ويكون مرجعية للجميع.
أراد أبو بكر باعشير من هذا المجلس أن يكون نظيراً لتنظيم القاعدة، وأن يصبح باعشير الأب الروحي لكل الجهاديين في إندونيسيا.
ظل البناء التنظيمي للجماعة الاسلامية يتمركز حول الفكرة وهي إقامة الدولة الإسلامية، وتطبيق الشريعة الإسلامية، لهذا سمح التنظيم بتكوين عدد من الجماعات الصغيرة المستقلة، ونظراً لارتباط الجماعة الإسلامية بالقاعدة شنت 11 هجوماً خلال الفترة ما بين عامي 2000 و2010، لعل أخطرها تفجير بالي الشهير العام 2002 الذي راح ضحيته أكثر من 200 قتيل و200 جريح، والهجوم على فندق الماريوت بجاكرتا في 5 آب (أغسطس) 2003، الذي أسفر عن مقتل 12 شخصاً وجرح 150، وتفجير السفارة الأسترالية في جاكرتا في 9 أيلول (سبتمبر) 2004، حيث انفجرت سيارة ملغومة بطن من المتفجرات، خارج السفارة في منطقة كونينجان، مما أسفر عن مقتل 9 أشخاص من بينهم الانتحاري نفسه، وإصابة أكثر من 100 آخرين.
وفي 1 تشرين الأول (أكتوبر) 2005، شهدت جزيرة بالي، ثاني هجوم إرهابي، حيث تم استخدام عدد من الانتحاريين وسلسلة من السيارات المفخخة والهجمات، وأسفر الهجوم عن مقتل 20 شخصاً وجرح أكثر من 100 آخرين ومقتل ثلاثة من الانتحاريين في الهجمات.
لم تبايع الجماعة الإسلامية تنظيم داعش، لكنها على اتصال وثيق بتنظيم القاعدة وتعتبر نفسها امتداداً له.
2- جماعة مجاهدي شرق إندونيسيا ( أو مجاهدي تيمور)
أسس أبو وردة سانتوسو في العام 2000 جماعة “مجاهدي شرق إندونيسيا” ويطلق عليها أيضاً جماعة “مجاهدي تيمور” في جبال جزيرة سولويزي شرق إندونيسيا، وفي غضون عامين أي في العام 2002 كانت مدينو (بوسو) تشهد أسوأ أعمال طائفية بين المسلمين والمسيحيين، واستمرت الجماعة بين شد وجذب الى أن قامت بمبايعة داعش في 2014، وأصبحت من أبرز التنظيمات العنيفة بإندونيسيا الموالية للتنظيم.ونفذت هذه الجماعة عمليات متعددة في مقاطعتي جاوة وسولاويزي ضدّ رجال الشّرطة وكبار موظفي الدولة، وفي مطلع العام 2016، نفذت الجماعة هجوماً إرهابياً على العاصمة “جاكرتا”، أسفر عن مقتل 4 أشخاص وإصابة 25 آخرين، لهذا شددت الحكومة الإندونيسية من إجراءاتها الأمنية ضد الجماعة، وقامت الأجهزة الأمنية بمطاردة أمير الجماعة “سانتوسو” المعروف بأبو وردة، وفي اشتباك عنيف بين أعضاء الجماعة ورجال الشرطة قتل “سانتوسو” في شهر حزيران (يونيو) 2016، في منطقة إقليم سولاويزي شرق اندونيسيا، حسبما نشرت صحيفة “التايم” الأمريكية.
وعلى الرغم من مقتل أمير الجماعة ومؤسسها إلا أنّها مازالت متواجدة في جبال جزيرة سولويزي، وتقوم بأدوار متعددة في ما يخص التهريب والابتزاز والقتل المأجور وأعمال إجرامية أخرى باسم الجهاد في سبيل الخلافة الإسلامية.
3 – جماعة أنصار التوحيد
في العام 2008 حدث خلاف كبير داخل صفوف “مجلس مجاهدي إندونيسيا” حول قيادة أبو بكر باعشير، وأسلوب اتخاذ القرارات وقضايا أخرى؛ وتم تضييق الخناق عليه في الجماعة الإسلامية فخرج وبعض أعضاء المجلس وأسَّسوا “جماعة أنصار التوحيد”، وهذه الجماعة وإن كانت ذات عدد صغير، إلا أنّ كثيراً من أعضائها تلقوا تدريبات وشاركوا في عمليات عسكرية في العراق وسوريا ومن قبل في أفغانستان.
في العام 2010 أُلقي القبض على باعشير بتهمة الانتماء لتنظيم القاعدة والقيام بتدريب أعضاء جماعته في أدغال إقليم آتشيه شمال جزيرة سومطرة، وتمت إدانته وهو يقضي حالياً حكماً بالسجن 15 عاماً، وعندما أعلنت داعش قيام الدولة الإسلامية في العراق وسوريا، أعلن أبو بكر باعشير في 2014 البيعة لأبو بكر البغدادي من مسجد السجن بسومطرة.
4 -جماعة أنصار الشريعة
وهي جماعة انشقت عن جماعة أنصار التوحيد، فقد رفضوا مبايعة “جماعة أنصار التوحيد” لداعش ومن ثم غادروا الجماعة وأسسوا جماعة أنصار الشريعة” في 11 آب (أغسطس) 2014، وكان سبب رفضهم خلافة البغدادي وجود أسئلة جوهرية عن منهج اختياره كخليفة والإسراف في محاربته للمسلمين وغيرهم، علماً أنّهم يؤيدون جبهة النصرة التي تنتمي للقاعدة، وتنظيم القاعدة في اليمن ضد الحوثيين، بعض أعضاء هذين التنظيمين تعرَّضوا للسجن بسبب التحاقهم ببعض الأنشطة الجهادية داخليّاً أو خارجيّاً، أو بسبب إدانتهم لعلاقتهم بمن تورطوا بتفجيرات أو هجمات داخلية.
5 – جماعة أنصار الدولة
جماعة “أنصار الدولة” وهي جماعة تابعة لتنظيم داعش، ففي العام 2015 مع صعود داعش واستيلائها على مساحات من الأراضي، ومع الخلافات بين الجهاديين في إدونيسيا اجتمع قرابة عشرين جماعة إندونيسية صغيرة وأعلنوا تبعيتها لتنظيم “الدولة الاسلامة” ومبايعتهم لأبو بكر البغدادي.
ترأس الجماعة أمان عبد الرحمن من داخل السجن، وقد اعتاد أن ينشر أفكاره المتشددة التي تبرّر العنف في اعتبار الآخرين من الكفار من خلال الخطب والمحاضرات.
ويرتبط اسم جماعة “أنصار الدولة” بسلسلة من الهجمات الأخرى في إندونيسيا، بينها هجوم على كنيسة في تشرين الثاني (نوفمبر) 2016 أدى إلى مقتل طفل في جزيرة بورنيو، إضافة إلى مخطط لتنفيذ تفجير انتحاري قرب العاصمة في فترة أعياد الميلاد تمكنت السلطات من إحباطه.
أدرجتها الولايات المتحدة على لائحة الإرهاب في كانون الثاني (يناير) 2017 بتهمة تنفيذ اعتداءات انتحارية وهجمات مسلحة في 14 كانون الثاني (يناير) 2016 في جاكرتا أودت بحياة أربعة مدنيين وأربعة مهاجمين.