أسماء سورة لقمان وفضائلها وسبب نزول بعض آياتها
سورة لقمان هي السورة السابعة والخمسون في تعداد نزول السور، نزلت بعد سورة الصافات وقبل سورة سبأ ، وروى البيهقي في دلائل النبوة عن ابن عباس: أنزلت سورة لقمان بمكة.
أسماء سورة لقمان
سميت هذه السورة بإضافتها إلى لقمان; لأن فيها ذكر لقمان وحكمته وجملا من حكمته التي أدب بها ابنه . وليس لها اسم غير هذا الاسم ، وبهذا الاسم عرفت بين القراء والمفسرين . ولم أقف على تصريح به فيما يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بسند مقبول .
سبب نزول سورة لقمان
نزلت بسبب مجادلة كانت من اليهود أن أحبارهم قالوا : يا محمد أرأيت قوله وما أوتيتم من العلم إلا قليلا إيانا تريد أم قومك ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كلا أردت . قالوا : ألست تتلو فيما جاءك أنا قد أوتينا التوراة فيها تبيان كل شيء ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنها في علم الله قليل ، فأنزل الله عليه ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام الآيات . وذلك مروي بأسانيد ضعيفة
وعلى تسليمها فقد أجيب بأن اليهود جادلوا في ذلك ورسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة بأن لقنوا ذلك وفدا من قريش وفد إليهم إلى المدينة ، وهذا أقرب للتوفيق بين الأقوال . وهذه الروايات وإن كانت غير ثابتة بسند صحيح إلا أن مثل هذا يكتفى فيه بالمقبول في الجملة . قال أبو حيان : سبب نزول هذه السورة أن قريشا سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قصة لقمان مع ابنه ، أي سألوه سؤال تعنت واختبار . وهذا الذي ذكره أبو حيان يؤيد تصدير السورة بقوله تعالى ومن الناس من يشتري لهو الحديث .
سبب نزول قوله تعالى : ( إن الله عنده علم الساعة ) .
نزلت في الحارث بن عمرو بن حارثة بن محارب بن حفصة ، من أهل البادية ، أتى [ ص: 181 ] النبي – صلى الله عليه وسلم – فسأله عن الساعة ووقتها ، وقال : إن أرضنا أجدبت فمتى ينزل الغيث ؟ وتركت امرأتي حبلى فماذا تلد ؟ وقد علمت أين ولدت فبأي أرض أموت ؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية .
– أخبرنا أبو عثمان سعيد بن محمد المؤذن قال : أخبرنا محمد بن حمدون بن الفضل قال : أخبرنا أحمد بن الحسن الحافظ قال : أخبرنا حمدان السلمي قال : حدثنا النضر بن محمد قال : حدثنا عكرمة قال : حدثنا إياس بن سلمة قال : حدثني أبي أنه كان مع النبي – صلى الله عليه وسلم – إذ جاء رجل بفرس له يقودها عقوق ، ومعها مهر لها يتبعها ، فقال له : من أنت ؟ قال : ” أنا نبي الله ” ، قال : ومن نبي الله ؟ قال : ” رسول الله ” ، قال : متى تقوم الساعة ؟ قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ” غيب ، ولا يعلم الغيب إلا الله ” . قال : متى تمطر السماء ؟ قال : ” غيب ، ولا يعلم الغيب إلا الله ” ، قال : ما في بطن فرسي هذه ؟ قال : ” غيب ولا يعلم الغيب إلا الله ” ، قال : أرني سيفك ، فأعطاه النبي – صلى الله عليه وسلم – سيفه ، فهزه الرجل ، ثم رده إليه ، فقال [ له ] النبي – صلى الله عليه وسلم – : ” أما إنك لم تكن لتستطيع الذي أردت ” . قال : وقد كان الرجل قال : أذهب إليه فأسأله عن هذه الخصال ، ثم أضرب عنقه .
– أخبرنا أبو عبد الله بن [ أبي ] إسحاق قال : أخبرنا أبو عمرو محمد بن جعفر بن مطر قال : أخبرنا محمد بن عثمان بن أبي سويد قال : حدثنا أبو حذيفة قال : أخبرنا سفيان الثوري ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ” مفاتيح الغيب خمس لا يعلمهن إلا الله تعالى : لا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله ، ولا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله ، ولا يعلم ما في غد إلا الله ، ولا تعلم [ نفس بأي أرض تموت إلا الله ، ولا يعلم متى ينزل الغيث إلا الله ” . رواه البخاري ، عن محمد بن يوسف عن سفيان .
فضائل سورة لقمان
أنها من المثاني التي أُوتيها النبي – صلى الله عليه وسلم – مكان الإنجيل: عن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “أعطيت مكان التوراة السبع الطوال … ومكان الإِنجيل المثاني
روى الشيخان عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (مفاتيح الغيب خمس، لا يعلمهن إلا الله (إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت) (لقمان:34).
وروى النسائي وابن ماجه عن البراء رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بنا الظهر، فنسمع منه الآية بعد الآيات من سورة لقمان والذاريات)، قال النووي: إسناده حسن.
2- وتبدأ السورة الكريمة، بالثناء على القرآن الكريم، وعلى المؤمنين الذين يقيمون الصلاة، ويؤتون الزكاة، وهم بالآخرة هم يوقنون.
ثم تنتقل إلى الحديث عن جانب من صفات المشركين، الذين يستهزئون بآيات الله-تبارك وتعالى-، ويعرضون عنها، وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها، كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً، فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ.
ثم ساقت أدلة متعددة على وحدانية الله-تبارك وتعالى- وقدرته، قال-تبارك وتعالى-: خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها، وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ، وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دابَّةٍ، وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ.هذا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي ماذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ، بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ.
3- ثم قص علينا- سبحانه – تلك الوصايا الحكيمة، التي أوصى بها لقمان ابنه، والتي اشتملت على ما يهدى إلى العقيدة السليمة، وإلى الأخلاق الكريمة، وإلى مراقبة الخالق- عز وجل – وإلى أداء العبادات التي كلفنا- سبحانه – بها.
ومن هذه الوصايا قوله- سبحانه -: يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ، وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ، إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ.وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً، إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ.وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ، وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ، إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ.
4- ثم بين- سبحانه – ألوانا من نعمه على عباده، منها ما يتعلق بخلق السموات، ومنها ما يتعلق بخلق الأرض، كما بين- عز وجل – أن علمه محيط بكل شيء، وأنه لا نهاية له.. قال-تبارك وتعالى-: وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ، ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ.ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ، إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ.
5- ثم ختم- سبحانه – السورة الكريمة، بدعوة الناس جميعا إلى تقواه- عز وجل – وإلى بيان الأمور الخمسة التي لا يعلمها إلا هو- سبحانه – فقال: يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ، وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً، إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ، فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا، وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ.إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ، وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ، وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ، وَما تَدْرِي نَفْسٌ ماذا تَكْسِبُ غَداً، وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ، إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ.