أسماء سورة الجاثية وفضائلها وسبب النزول
سورة «الجاثية» هي السورة رقم 45 في ترتيب المصحف، وكان نزولها بعد سورة «الدخان»، وقبل سورة الأحقاف، وترتيبُها من حيث النزول الرابعة والستّون، أمّا ترتيبها في المصحف العثمانيّ فالخامسة والأربعون، وتقع سورة الجاثية في الربعيْن السابع والثامن من الحزب الخمسين من الجزء الخامس والعشرين، وتُفتتح آيات سورة الجاثية بالحروف المقطعة “حم” لتكون واحدةً من السُّور القرآنية المعروفة بالحواميم أو سُور آل حم، وهي مكية قال ابن عطية: بلا خلاف، وفيما يلي نستعرض معكم أسماء سورة الجاثية وفضائلها وسبب النزول
أسماء سورة الجاثية
سميت هذه السورة في كثير من المصاحف العتيقة بتونس وكتب التفسير وفي صحيح البخاري ” سورة الجاثية ” معرفا باللام.
وتسمى حم الجاثية لوقوع لفظ (جاثية) فيها ولم يقع في موضع آخر من القرآن ، واقتران لفظ (الجاثية) بلام التعريف في اسم السورة مع أن اللفظ المذكور فيها خلي عن لام التعريف لقصد تحسين الإضافة ، والتقدير : سورة هذه الكلمة ، أي السورة التي تذكر فيها هذه الكلمة ، وليس لهذا التعريف فائدة غير هذه . وذلك تسمية حم غافر ، وحم الزخرف .
وتسمى ” سورة شريعة ” لوقوع لفظ ” شريعة ” فيها ولم يقع في موضع آخر من القرآن حيث قال الله -تعالى-: (ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ).
وتسمى ” سورة الدهر ” لوقوع وما يهلكنا إلا الدهر فيها ولم يقع لفظ الدهر في ذوات حم الآخر .
سبب تسمية سورة الجاثية بهذا الاسم
سمّيت سورة الجاثية بهذا الاسم؛ لحديثها عن اجتماع الأمم يوم القيامة أمام الله -تعالى- لمحاكمتها وحسابها، وتكون كل أمّة حينئذ باركة على رُكبها من شدّة الخوف والهلع ممّا تُشاهده من أهوال وأحداث يوم القيامة، حيث قال الله -تعالى-: (وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ).
معنى كلمة الجاثية وموضع ورودها
قيل في معنى الجاثية خمسة معاني، نذكرها فيما يأتي: أوّلها: الجاثية أي المستوفزة، والمستوفز؛ هو الشخص الذي لا يستطيع أن يصيب الأرض إلّا بركبيته وأطراف أنامله لخوفٍ أصابه. ثانيها: الجاثية أي المجتمعة؛ هو المعنى الذي قال به ابن عباس. ثالثها: الجاثية أي المتميزة؛ وهو المعنى الذي قال به عكرمة. رابعها: الجاثية أي الجلوس على الركب وهو المعنى الذي قال به الحسن. خامسها: الجاثية أي الخاضعة والذليلة.
فضائل سورة الجاثية
أنها من المئين التي أُوتيها النبي – صلى الله عليه وسلم – مكان الزبور:
عن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “أُعطيت مكان التوراة السبع الطوال ومكان الزبور المئين … ”
أخبر عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- عن مكانة السُّور القرآنية التي تبدأ بالحروف المقطّعة حم؛ فقد أسماها الصحابة آل حم -آل تعني العائلة أو المجموعة- كونَها تنتمي إلى عائلةٍ واحدةٍ مكوّنةٍ من سبع سُورٍ هي على الترتيب: غافر وفصّلت والشورى والزخرف والدخان والجاثية وأخيرًا الأحقاف، وقال عنها: “آل حم” ديباج القرآن، وقال أيضًا: “إذا وقعت في “آل حم” فقد وقعت في روضاتٍ أتأنق فيهن” والتأنق يعني: التدبّر والتأمل والفَهم العميق لمعاني الآيات
كما أطلق ابن عباس على سور الحواميم، ومنها سورة الجاثية لباب القرآن، فقال: “إن لكلّ شيء لبابًا ولباب القرآن “آل حم” أو قال: الحواميم”.
سبب نزول سورة الجاثية
سورة الجاثية لم يرد في سبب نزولها شيء حسبما ذكرَ أهل العلم في كتبِ التفسير ، إنّما الثابت لديهم سبب نزول آيةٍ منها وهي قولُه تعالى: “قُل لِّلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّـهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ”
سبب نزول قوله تعالى : (قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله) .
– قال ابن عباس في رواية عطاء : يريد عمر بن الخطاب خاصة ، وأراد بالذين لا يرجون أيام الله : عبد الله بن أبي وذلك أنهم نزلوا في غزاة بني المصطلق على بئر يقال لها المريسيع ، فأرسل عبد الله غلامه ليستقي الماء ، فأبطأ عليه ، فلما أتاه قال [ له : ] ما حبسك ؟ قال : غلام عمر قعد على فم البئر فما ترك أحدا يستقي حتى ملأ قرب النبي ، وقرب أبي بكر ، وملأ لمولاه . فقال عبد الله : ما مثلنا ومثل هؤلاء إلا كما قيل : سمن كلبك يأكلك . فبلغ قوله عمر – رضي الله عنه – فاشتمل بسيفه يريد التوجه إليه ، فأنزل الله تعالى هذه الآية .
– عن ابن عباس قال : لما نزلت هذه الآية : ( من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا ) قال يهودي بالمدينة يقال له : ” فنحاص ” : احتاج رب محمد [ قال ] : فلما سمع عمر بذلك اشتمل على سيفه ، وخرج في طلبه ، فجاء جبريل – عليه السلام – إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال : إن ربك يقول لك : ( قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله ) واعلم أن عمر قد اشتمل على سيفه ، وخرج في طلب اليهودي ، فبعث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في طلبه ، فلما جاء قال : ” يا عمر ، ضع سيفك ” ، قال : صدقت يا رسول الله ، أشهد أنك أرسلت بالحق ، قال : ” فإن ربك يقول : ( قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله ) ” قال : لا جرم والذي بعثك بالحق لا يرى الغضب في وجهي