أساس الإيمان حرية العقيدة للإنسان..بقلم المفكر العربي علي محمد الشرفاء
لقد أرسل الله الرسول محمد عليه السلام برسالة الإسلام، تضمنتها آيات الذكر الحكيم، تدعو الناس لسعادتهم وتحقيق أمنهم، واستقرار أوطانهم وسلامتهم فى المجتمعات الإنسانية جمعاء، باتباع شرعة الله ومنهاجه بما بلغهم الرسول، وبين لهم مقاصد آيات القرآن العظيم، ليتخذوه دستورا ومرجعيا لتشريعاتهم، يستنبطون منها القوانين المنظمة للعلاقات الإنسانية والاجتماعية، على أساس الرحمة والعدل والإحسان، ونشر السلام لتحقيق السكينة والطمأنينة للإنسان في كل مكان، وشرع الله للناس حقهم في حرية الاعتقاد واختيار دينهم دون إكراه، واحترام حقوق الإنسان وتحريم الإساءة إليه، أو إلحاق الضرر بالناس، وعدم الاعتداء على حقوقهم أو استباحة ممتلكاتهم، أو احتلال أراضيهم بالقوة، وتحريم قتل الإنسان والله سبحانه خاطب رسوله عليه السلام بشأن حرية الناس في عقائدهم، وعدم التعرض بالنقد أو بالأذى لأصحاب الديانات الأخرى، لأن الله سبحانه ترك للإنسان حقه في حرية العقيدة ، كما قال الله في كتابه: ﴿ وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾( الكهف: 29) وقول الله سبحانه : ﴿ رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ ۖ إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ ۚ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا﴾( الإسراء: 54) وقول الله سبحانه مخاطباً رسوله : ﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ۚ أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾( يونس:99).
ولو فهم المسلمون مقاصد الآيات وحكمة الله فيها، وعرفوا دينهم ومراد الله في كتابه، لما انتقدوا الأديان بصفة عامة، ولم يتخذوا من أنفسهم وكلاء عن الله في الأرض، يحاسبون الناس في أديانهم، وينتقدون شعائرهم، فالله خلق الناس أحرارا، ومنحهم الحق المطلق لاختيار عقائدهم، ولم يسمح لأي رسول أو نبي أن يكون رقيباً عليهم، أو وصيا على مقدساتهم، فمن ينتقد الأديان فقد كفر بحكم الله في القرآن وعصى الله فيما قرره وحكم به لحرية الإنسان.
فليراجع أولئك الجهلة آيات القرآن، وشريعة الله وما تدعو الناس إليه من احترام كل الأديان دون استثناء، والله وحده صاحب الاختصاص في محاسبة جميع الناس، ومعهم المسلمين يوم الحساب، فلن يستثني الله يوم الحساب أتباع كل الأديان، فالكل يومئذ أمام الرحمن سيحاسب على عصيانه، وما اقترفه من الذنوب والسيئات، فلا عصمة لإنسان حتى الرسل والأنبياء سيكونون أمام الله يوم القيامة ينتظرون حكم الله عليهم فلا يغتر المسلم بدينه ولا يعطيه إسلامه ميزة على بقية خلقه فالكل يوم الحساب سواء أمام المحكمة الإلهية على قاعدة قول الله سبحانه : ﴿ مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ﴾( فصلت: 46).