أردوغان يخشع أمام “الصنم الكمالي”وينفذ تهديداته بترحيل الدواعش الأجانب لاستعادة شعبيته
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يقاتل باستماتة كي يستعيد شعبيته المتدهورة، التي تجلت في تراجعه اللافت بانتخابات المحليات نهاية مارس الماضي، وفيها أفلتت من تحت قبضته رئاسة بلديات 7 مدن كبرى تستحوذ على 60 % من إجمالي سكان البلاد، هذا ما أكده مراقبون وشخصيات سياسية نافذه، الذين أشاروا أيضا إلى أنه لن يعدم وسيلة داخلية كانت أم خارجية، وسيسلك كل الطرق طالما أعادت في نهايتها جماهيره التي انفضت من حوله؛ حتى وإن جاءت ضد قناعاته الشخصية المتأسلمة.
أمس راح إلى (آنك كبير) بقلب العاصمة أنقرة، حيث يرقد جثمان مصطفى كمال أتاتورك، يضع إكليلا من الزهور على قبر مؤسس الجمهورية في ذكرى رحيله الـواحدة والثمانين، وهو السلوك الذي كان يمقته ولم يخف ذلك، ولهذا كان يتعمد أن يكون خارج بلاده في هذا التوقيت 10 نوفمبر كي لا يكون مضطرًا للمثول أمام “الصنم الكمالي”، ذلك التعبير الذي روجته أدبيات سيارة وشبكات فضائية تابعة لحزب العدالة والتنمية الذي يقوده ولاقى استحسانه هو شخصيًا، لكنه عاد بعدما أدرك أن ابتعاده وعزوفه عن تلك المناسبة الوطنية المهمة لقطاعات عريضة من شعبه، كان له أثره البالغ في خسارته للأنصار والمؤيدين ولم ينس أن يسجل كلمة في دفتر التشريفات، يستهلم فيها مقولات أتاتوركية ولا بأس من تأويلها ليصبغها على طموحاته القومية ومشاريعه التوسعية في أراضي الغير.
غير أن المشهد الذي بدا مصطنعا لم يخل بطبيعة الحال من تعليقات شتي اتسمت في معظمها بالسخرية اللاذعة بيد أن أصحابها تساءلوا علام هذا الخشوع الأردوغاني المبالغ فيه لأتاتورك الذي تم الانقضاض على حدائق غناء عنونت باسمه وضمت بساتين وأزهار وأشجار بالآلاف والتي اختيرت كي تكون رئة لأنقرة، لبناء قصر له ولعائلته ومازال الاستنزاف مستمرا وهل أردوغان تناسي المئات من الأساتذة والقضاة والإعلاميين والمفكرين الذين تم إقصاؤهم وزج ببعضهم في السجون كونهم أتاتوركيين علمانيين.
واليوم وفي نفس سياق استرضاء أبناء مجتمعه، ينفذ تهديداته بقيام داخليته بترحيل الدواعش الأجانب (وغالبيتهم أوروبيين) إلى بلدانهم الأصلية ويفترض أن عددهم بالسجون يبلغ 1201 شخص إضافة إلى 287 متشددا محتجزا من قبل فصائل الجيش الحر الموالية له في سوريا، غير عابئ بالآثار السلبية التي حتما ستلقي بظلاها على علاقاته بالقارة العجوز.
ووفقا لمصادر إعلامية قالت برلين أنها لن تمنع مواطنيها المرحلين إليها، وحذت امستردام الحذو نفسه، يأتي ذلك على خلفية ما أعلنته الداخلية التركية الأنتهاء من إجراءات ترحيل 7 أشحاص من عناصر داعش يحملون الجنسية الألمانية واثنان هولنديان التي ستتم يوم الخميس المقبل، لكن ماذا عن فرنسا التي أشارت أنقرة إلى أنها ستسلمها 11 من أبنائها دون أن تحدد موعد لذلك ؟ وسبق لباريس أن طالبت بضرورة محاكمة هؤلاء المنتمين للتنظيم الذي تركز نشاطه في سوريا والعراق قرب أماكن ارتكاب جرائمهم.
والسؤال المطروح الآن هل سيصدر الإليزيه قرارًا بمنع استلامهم وبالتالي عودتهم من حيث أتوا؟ في كل الأحوال العلاقات بين البلدين المتأزمة أصلا على موعد جديد مع أزمة مستعصية خلال الأيام القادمة.
وخلال أفلام فيديو حفلت بها مواقع مقربة من العدالة والتنمية الحاكم، ظهرت لقطات ذات مغزى فيها نساء فرنسيات يستغثن السلطات وأنهن يردن العودة لبلادهن من أجل أطفالهن، وأبدين استعدادهن لأي إجراءات قانونية بحقهن، خاصة أن ظروف المعيشة في مخيم عين عيسى الذي تديره قوات سوريا الديمقراطية المدعومة أمريكيا وفرنسيا والمنعوتة بالإرهابية من قبل أنقرة، صعبة للغاية على حد قولهن.
وكان الهجوم، الذي نفذته تركيا من جانب واحد على شرق الفرات، قد أغضب اشنطن وعواصم أوروبية كبري وجميعهم يخشون ليس فقط إحياء التنظيم المتشدد بالشمال السوري بل إعادة عناصره المقاتلة وأقاربهم اليها وهو ما يقوم به الأناضول الآن.
في المقابل قال محللون إن أردوغان يهدف من خلال إجراءاته هذه ابتزاز شركائه بحلف الاطلنطي، كي يقتنص منهم مكاسب محددة وفي حال تمكن من بعضها، فلن يتمادي وسيقف عند نقطة ما، وهذا ما ستكشفه القمة التي ستجمعه مع قادة فرنسا وبريطانيا والمانيا في لندن مستهل الشهر القادم.