أخطاء مالية يتعين على الشباب تجنبها في مقتبل حياتهم
عدد كبير من الشباب “لا يستثمرون”،إذ يفضل 24 بالمئة منهم الاحتفاظ بأموالهم نقدا، بينما لا يوفر 42 بالمئة منهم أو يستثمرون على الإطلاق.
قد يفسر صغر سن المشاركين عدم ادخار أو استثمار 42 بالمئة منهم على الإطلاق. وكثير منهم من الجيل زد ــ الذين ولدوا بين عامي 1997 و2012 ــ وما زالوا في المدرسة أو تخرجوا أخيراً، وهذا يعني أن الأمر قد يستغرق سنوات قبل أن ينضم أصغر أفراد المجموعة إلى القوى العاملة ويبدأ في الادخار. وربما لا يزال أولئك الذين هم بالفعل في القوى العاملة في مرحلة البحث عن موطئ قدم.
أما بالنسبة لـ 24 بالمئة من الشباب الذين يفضلون الاحتفاظ بأموالهم نقدا، فإن هذا التردد في الاستثمار قد يكون بسبب “شعور الكثير من الناس بالضعف المالي الشديد”، كما تقول كاميلا إليوت، وهي مخططة مالية معتمدة ومؤسسة مشاركة ورئيسة تنفيذية لشركة Collective Wealth Partners.
وتقول إنه مع ارتفاع أسعار الضروريات مثل السكن والطعام، يشعر الناس بالقلق من استثمار أموالهم وفقدان الوصول الفوري إليها.
وبحسب تقرير للشبكة الأميركية اطلع عليه موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، فإنه: إذا كنت قلقًا بشأن الوصول إلى أموالك، تقترح إليوت عليك تكوين مدخرات طارئة لمدة ستة أشهر على الأقل لتهدئة تلك المخاوف”. ومع ذلك، بمجرد القيام بذلك، من الجيد أن تفكر في الاستثمار.
وتضيف: “من الضروري حقًا المشاركة في السوق حتى تتمكن من تحقيق أهدافك الاستثمارية أو المتعلقة بالأصول. وهذا أحد الأشياء التي نتحدث عنها مع الشباب: عليك أن تفكر على المدى الطويل”.
ورصد التقرير ثلاثة أخطاء يحذر خبراء التخطيط المالي المعتمدون الشباب من ارتكابها، على النحو التالي:
- عدم المشاركة في السوق على الإطلاق
يقول مؤسس شركة Bone Fide Wealth ، دوغلاس بونيبارث، إنه بمجرد أن تشعر بالراحة مع الاحتياطي النقدي الخاص بك، فكر في الاستثمار. ويضيف: “من الصعب أن تدخر المال لتحقيق أهدافك المالية طويلة الأجل”. كما يصف الاستثمار بأنه “المفتاح إلى تنمية الثروة”.
على سبيل المثال، إذا قمت باستثمار أولي بقيمة 1000 دولار اليوم بعائد سنوي 7 بالمئة، وأودعت 100 دولار شهريًا، فإن إجمالي أموالك سينمو إلى أكثر من 19000 دولار على مدى 10 سنوات، وأكثر من 130000 دولار في 30 عامًا.
- الاستثمار في الأسهم الفردية فقط
من بين 1093 شابًا أميركياً شملهم الاستطلاع، قال 24 بالمئة إنهم يفضلون استثمار أموالهم في الأسهم الفردية، مقارنة بالسندات وصناديق الاستثمار المتداولة والعملات المشفرة.
بحسب إليوت، فإنه من المنطقي أن يفضل المستثمرون الأصغر سنا الاستثمار في الأسهم الفردية، خاصة مع الأداء الهائل الذي حققته الشركات السبع الرائعة (في إشارة إلى أبل وألفابت وأمازون وميتا ومايكروسوفت وإنفيديا وتسلا) في السنوات الأخيرة.
ومع ذلك، فإن اختيار الاستثمار في عدد محدود من الأسهم قد يكون محفوفًا بالمخاطر لأن محفظتك الاستثمارية تعتمد على أداء تلك الشركات فقط. وحتى إذا اخترت الاستثمار في إحدى الشركات السبع، فهذا لا يعني بالضرورة أنها ستستمر في التفوق على الشركات الأخرى.
وبدلاً من ذلك، يقترح إليوت وبونيبارث تنويع محفظتك الاستثمارية من خلال السندات أو صناديق الاستثمار المتداولة في البورصة.
من خلال تنويع محفظتك الاستثمارية، سوف تقلق بشكل أقل بشأن أداء أسهمك الفردية ويمكنك أن تكون أكثر اتساقًا وانضباطًا.
- التفكير على المدى القصير
قد يؤدي التفكير قصير المدى إلى دفعك إلى إجراء تغييرات متسرعة على محفظتك الاستثمارية استنادًا إلى السلوك الأخير في السوق. لا تدع السوق تملي عليك قراراتك، ولكن قم بإجراء التغييرات إذا تغيرت أهدافك المالية، كما يقول إليوت.
تقول إليوت: “لا تفكر في الوقت الحاضر، بل فكر في ما سيحدث بعد ثلاثين عامًا من الآن، عندما تنظر إلى العائدات”.
التحيز
قال كبير الاقتصاديين في شركة ACY المالية في أستراليا، الدكتور نضال الشعار، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن من بين الأخطاء الشائعة في عالم الاستثمار هو الوقوع في فخ التحيزات المختلفة.
- التحيز التكراري، مثل شراء السهم نفسه بسبب انطباع إيجابي سابق، هو من أكثر هذه الأخطاء انتشارًا.
- التحيز نحو قطاع معين، كالتكنولوجيا على سبيل المثال، والذي قد يدفع المستثمر للتركيز على هذا القطاع دون غيره.
- تحيز التأكيد، حيث يصبح المستثمر عنيدًا في موقفه ويصر على صحة توقعاته.
- “تحيز فقدان الفرص” يمثل خطأ آخر شائع، حيث يخشى المستثمر من تفويت فرصة للربح، مما يدفعه للدخول إلى السوق دون دراسة كافية.
- بالإضافة إلى ذلك، هناك “تحيز تفادي الخسارة” الذي يتمثل في التردد في إغلاق صفقة خاسرة خوفًا من تكبد خسائر إضافية، و”تحيز تفادي المخاطر” الذي يؤدي إلى التركيز على الأخبار السلبية وتجاهل الجوانب الإيجابية.
وتحدث الشعار أيضًا عن “تحيز الثقة المفرطة”، حيث يتكون لدى المستثمر شعور مفرط بالثقة في قراراته، مما يزيد من احتمالية الخسارة. كما أشار إلى “تحيز عقلية القطيع”، حيث يتبع المستثمر قرارات مجموعة معينة من الناس دون تفكير مستقل. كما ذكر التحيزات المتعلقة بالتأثر بالأخبار السلبية أو الإيجابية مثل نبأ ارتفاع معدل البطالة، والخوف من الندم بسبب الاحتفاظ بالصفقات لفترة أطول أو تفويت فرصة الربح.
وفيما يخص التداول بالأسواق بالنسبة للشباب، أوضح الشعار أن التداول المتهور والمفرط هو خطأ شائع، حيث يقدم الشباب على شراء وبيع الأصول بشكل عشوائي فقط من أجل التواجد في السوق، مما يؤدي في النهاية إلى الخسارة.
وعن النصائح التي يوجهها للشباب، أكد الشعار:
- أهمية تحديد الأهداف والتوقيت المناسب للدخول في السوق.
- بالإضافة إلى وضع نظام صارم لإدارة الربح والخسارة والالتزام بصفقات معينة.
- التحلي بالاستقلالية وتحمل مسؤولية القرارات دون اتباع الآخرين بشكل أعمى.
- أهمية التنبؤ والهدوء في التعامل مع السوق.
- ضرورة فهم أن السوق ليس متآمرًا، بل يتبع أنماطًا يمكن التنبؤ بها من خلال دراسة الماضي.
وفي ختام حديثه مع موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، حث الشعار المستثمرين الشباب على عدم السعي لتحقيق أرباح كبيرة في الفترة الأولى من التداول، والاستفادة من الفروقات الزمنية خلال العام، مؤكدًا على أهمية اختيار الوسيط ومنصة التداول المسجلين لدى جهات موثوقة لتجنب حالات الاحتيال. كما شدد على ضرورة أن يكون لكل مستثمر طريقه الخاص في البحث عن الاستراتيجيات الصحيحة للاستثمار والتداول.
التسرع
بدوره، قال الخبير الاقتصادي ياسين أحمد في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن أحد الأخطاء المالية الشائعة بين الشباب هو الإسراع في شراء سلع (مثل السيارات) بالتقسيط فور تسلمهم أول وظيفة، حيث يعتمدون على ضمان الراتب لسداد الأقساط، مما يؤدي إلى استنزاف نصف الراتب تقريبًا في هذه الأقساط، وبالتالي يفتقدون الفائض المالي الضروري لتلبية الاحتياجات الهامة الأخرى.
وأضاف أحمد أن من بين التصرفات الخاطئة التي يقوم بها الشباب هو البذخ والإنفاق على أمور كمالية وغير أساسية، مما يؤدي إلى تأخرهم في تأمين مستقبلهم المالي. كما أشار إلى خطر الاعتماد على القروض لتغطية الإنفاق اليومي والاستهلاك بدلاً من الاستثمار، مؤكدًا أن الاقتراض من أجل الاستهلاك يُعد فخًا ماليًا.
وتابع الخبير الاقتصادي موضحًا أن استخدام البطاقات الائتمانية بشكل مفرط يُعد خطأ شائعًا آخر، حيث يقوم الشباب بشراء المنتجات دون التفكير في الديون المتراكمة والفوائد المرتبطة بها، مما يقلل من قدرتهم على الادخار ويضيع عليهم الفرص الاستثمارية. كما أشار إلى أن سداد القروض من المدخرات هو خطأ كبير، حيث يؤدي ذلك إلى استنزاف المدخرات تدريجيًا.
كما أوضح أحمد أن الاندفاع وراء الشائعات والإعلانات الوهمية يُعد خطأ آخر يقع فيه الشباب، حيث يُغرى الكثير منهم بالاستثمار في مشاريع عالية المخاطر دون وعي كافٍ، مما يعرضهم لخسائر مالية جسيمة. لذا، نصح الشباب بتجنب هذه الأخطاء وعدم الاندفاع وراء الاستثمارات غير المدروسة للحفاظ على مستقبلهم المالي.