أسرة ومجتمع

أجمل ما قرأت عن علاقة الإخوة بالأخوات: وكيف تجمع الأم بالحب بينهم؟

قالت جدتي وحكت لنا الكتب وتوارثنا الكثير من الحكم والأمثال التي تحكي عن تمجيد نعمة وقيمة حب الأخوة لبعضهم البعض، فهم يتحدثون عن تلك الرابطة وكأنها إرث يتركه الآباء لأبنائهم، طالبين منهم عدم التفريط فيه؛ فهو سندهم وسيكون عضدهم وقت الشدة، والحقيقة أن الأخوة الجيدة هي الرابط الذي تقوم على أساسها الحياة؛ فهي الشيء الذي يجمع بين ما حصل في الماضي ويمهد الطريق إلى المستقبل؛ فالأخ لأخته وأخيه، هو الصديق، وهو العوض، وهو السند.
وهنا يضيف الدكتور فؤاد العمروسي أستاذ طب النفس وتعديل السلوك، أن الآباء وأسلوب تربيتهم العقلاني المتوازن يقوم بدور كبير في تقوية تلك الرابطة وتأصيلها؛ لتمتزج الأخوة بالمحبة، والامتنان بالمودة و الحب بالاستعداد للتضحية، فتستمر وتطول، و من أجل ذلك نطالع بالتقرير قصتين تؤكدان على قيمة الأخوة، مع عدد من الأفكار.

قالوا عن الإخوة:

  • الأخ الشقيق في أحيان كثيرة يكون أفضل من ألف بطل خارق، وأخوك من يسعى معك، وهو مَن يَضر نفسه لينفعك.
  • أخي الغالي وهو الصديق الحقيقي ورفيق دربي، معه تحلو كل الأوقات، وبقربه أشعر بالأمن والأمان، ومعه دائماً يحلو الكلام.
  • وجود الأخ في حياة الفتاة هو حضور لصديق أبدي، ورفيق أول للطفولة، وصخرة تستند إليها عندما تكبر.
  • بعض القلوب لا يمكن أن تتكرر أبداً كقلبك تماماً يا أخي، لكل شيء بديل إلا أخي.
  • أخبروا أخي بأنه أبي الثاني، وأنه سندي في هذه الدنيا، وأنه عوني من بعد الله وأني أحبه جداً.
  • حتى رائحة عطرك يا أخي تشعرني بالأمان، إخوان الصفاء خير مكاسب الدنيا، فهم زينة في الرخاء، وعدة في البلاء، ومعونة على الأعداء.
  • الأخ نعمة لا تُضاهى بثمن، يبقى الأخ أمناً لا يشوبه خوف وسند لا يميل ولا يهتز، وحباً لا يخيب.
  • الأخ سند عظيم، قوة وضلع ثابت لا يميل، هو ذلك الجبل الذي أُسند عليه نفسي، وكيف لا أحبه ورب الكون قال فيه “سنشد عضدك بأخيك”.
  • قد يحافظ الأشقاء على هوية بعضهم البعض، فهم الوحيدون الذين يقدمون الحلول والنصائح لبعضهم بغير قيود وبطيب نفس.
  • بحثت عن ذاتي، ولكنني لم أجدها، بحثت عن وجداني ولكنه خانني؛ فبحثت عن أخي فوجدت فيه كلّ ما أبحث عنه.
  • الأخوة كنافذة من زجاج صافٍ، نطل منها على أحلى ما في الدنيا، ونرى من خلالها كل المعاني الجميلة.
  • الأخت هي قلب أختها وكاتمة أسرارها، هي علاج لهموم الأيام والأمل إذا غاب الأمل، الأخت حكاية لا تصفها الحروف.

كيف يزرع الآباء الحب بين الإخوة؟

بالحب والمساواة في المعاملة ينشأ السلام بين الإخوة

 

يجب على الآباء الحرص على زرع وتنمية المحبة والاحترام بين أطفالهم في الفترة الأولى من عمر الطفولة، ويتم ذلك بعدة طرق:

  • احترام خصوصية بعضهم من الضروريات، فلا يدخل أحدهم غرفة نوم أخيه إلا بعد الاستئذان.
  • عدم الاقتراب من الأخ، إذا شاهدوه مهموماً أو يتصرف بغضب، ولا يسخروا منه، بل يواسونه، وإن كان باستطاعتهم فعل شيء.
  • الاعتذار من أساسيات الاحترام، وإذا أخبرك طفلك بأنه أساء لصديقه أو معلمه في المدرسة، فشجّعيه على أن يذهب إليه ويعتذر.
  • كتابة رسالة قصيرة بخط اليد عن طريق الواتس آب، يقول فيها الأخ لأخيه: شكراً لأنك وقفت بجانبي، أو ساعدتني في موقف ما.
  • الإخوة الذين يفهمون مشاعر بعضهم قادرون على مشاركة التحديات أو النجاحات، وأيضاً تخفيف الأوقات الصعبة من خلال تقديم الدعم.

قصتان عن قيمة الأخ:

القصة الأولى : الأخ والبئر العميقة

التقارب بين الإخوة ينمو ويكبر بالحب

 

يحكى أن أهل قرية كانت لهم بئر يشربون منها، وحصل أنهم كلما أدخلوا الدلو في البئر أتى الحبل بلا دلو، وتكررت هذه الحادثة، حتى كانت مصدر إزعاج لعدم معرفة السبب، حتى قالوا إنها بئر غريبة يسكنها غرباء، وقالوا فيما بينهم نريد أحداً من أهل القرية يدخل هذه البئر ويأتنا بالخبر، ولكن منهم من رفضوا أن يدخلوها خوفاً من مغبتها.
فتبرع أحدهم لتلك المهمة، وطلب أن يُربط بحبل وينزل البئر، ولكن هذا الشاب اشترط أن يأتي أخوه ويمسك معهم الحبل الذي سوف يُربط فيه، فاستغرب أهل القرية من شرطه وطلبه، وهم مجموعة وأقوياء للقيام بهذه المهمة، وحاولوا إقناعه من دون جدوى، ولم يكن أخوه وقتئذ حاضراً.
وافق أهل القرية على طلبه، وأتوا بأخيه ليمسك معهم الحبل، ودخل الرجل في هذه الغياهب ليستشرف الخبر، فوجد قرداً داخل البئر هو الذي يفك الدلو داخل البئر، فحمل القرد على رأسه من دون أن يخبرهم، وقال لهم اسحبوا الحبل، فلما دنا من فم البئر، نظروا شيئاً غريباً خارجاً من البئر، فظنوا أنه حيوان وسيفترسهم، فتركوا الحبل وولّوا هاربين، ولم يبق أحد يمسك بالحبل إلا أخوه، فظل ماسكاً بالحبل خوفاً على أخيه.
وأخيراً خرج أخوه من البئر، وحينها عرف الجميع أن الله قد جعل أخاه سبباً في نجاته، ولولا ذلك لتركوه يسقط ليلقى حتفه داخل البئر، وهنا يقول الله سبحانه “سنشد عضدك بأخيك”، لم يختر الله من اﻷقارب لشد العضد، إلا الأخ، فتحاشى كل ما يسبب التوتر والقلق لعلاقتكما، فلن تجد بالدنيا شخصاً يشد عضدك مثل أخيك.

العبرة: تبرز القصة كيف تكون العلاقة بين الأخ وأخيه؟ كيف يمكن للأخ أن يثق ثقة كبيرة في أخيه، لدرجة أن ينظر له على أنه الأمان والحياة، ولا يأتمن عليها أحداً غيره بعد الله سبحانه.

القصة الثانية: أحمد وأخته سارة

قصة أحمد وأخته سارة

 

في إحدى القرى الهادئة، عاشت عائلة تتألف من والدين محبين وابنين: أحمد، البالغ من العمر عشر سنوات، وسارة، التي تصغره بثلاث سنوات، كانت العلاقة بين أحمد وسارة مميزة، مليئة بالحب والدعم المتبادل، كان أحمد دائماً يعتني بأخته الصغرى، يشاركها ألعابها، ويساعدها في دروسها، بينما كانت سارة تعتبره القدوة ومصدر الأمان لها.
في إحدى الأمسيات، بينما كانت الأسرة مجتمعة حول مائدة العشاء، لاحظ الوالدان كيف يتعاون أحمد وسارة في تحضير المائدة وتبادل الأحاديث والضحكات، شعر الأبوان بالفخر والامتنان لرؤية هذا الترابط القوي بين أبنائهما، فقد أدركا أن هذا الحب الأخوي سيسهم في بناء شخصية قوية ومتوازنة لكل منهما.
مع مرور الوقت، واجهت سارة تحدياً في مدرستها؛ إذ كانت تجد صعوبة في مادة الرياضيات، وبدلاً من اللجوء إلى والديها فقط، قررت أن تطلب المساعدة من أحمد، جلس أحمد معها بصبر، يشرح لها المسائل المعقدة بطرق بسيطة، مما ساعدها على فهم المادة وتحسين أدائها الدراسي، هذا الدعم لم يعزز ثقة سارة بنفسها فحسب، بل عزز أيضاً الروابط بينهما.
وحدث أنه في إحدى العطلات، قررت الأسرة القيام برحلة إلى الجبال، وأثناء التنزه تعثرت سارة وسقطت، مما أدى إلى إصابتها بخدوش بسيطة، جرى أحمد إليها، وبدون تردد، قدم لها الإسعافات الأولية وهدّأ من روعها، شعرت سارة بالاطمئنان لوجود أخيها بجانبها، وأدركت أن حبهم الأخوي هو مصدر قوتها.
ومع مرور السنوات، كبر أحمد وسارة، وواجه كل منهما تحدياته الخاصة، لكن الحب والدعم الذي زرعه والداهما بينهما منذ الصغر ظل راسخاً، ففي كل مرة كان أحدهما يواجه صعوبة، كان الآخر يقف بجانبه، يقدم له الدعم والمساندة، هذا الترابط القوي لم يكن وليد الصدفة، بل كان نتيجة لسنوات من الحب والتفاهم والتعاون.
في إحدى المناسبات العائلية، وبينما كانت الأسرة مجتمعة، تحدث الأب قائلاً: “إن رؤية هذا الحب بينكما هو أعظم إنجاز لنا كوالدين، فالعلاقة القوية بين الأشقاء لا تقدر بثمن، وهي ما ستبقى معكما طوال الحياة”، ابتسم أحمد وسارة، وأدركا أن ما يربطهما هو كنز حقيقي يجب الحفاظ عليه.

العبرة: تبرز قصة أحمد وسارة أهمية تعزيز الحب بين الأشقاء، ودور الوالدين في زرع هذه القيم منذ الصغر؛ فالعلاقات الأسرية القوية هي الدعامة الأساسية لنمو الأطفال وتطورهم، وهي ما يضمن لهم مستقبلاً مشرقاً مليئاً بالنجاح والسعادة.

ماذا قالت الأبحاث؟

  • تظهر الأبحاث: أن الأطفال الذين ينشأون في بيئة أسرية مليئة بالحب والدعم يتمتعون بقدرة أكبر على التكيف مع التحديات، ويكونون أكثر استعداداً لبناء علاقات صحية في المستقبل؛ فالحب الأخوي الذي يزرعه الآباء والأمهات معاً، لا يقتصر تأثيره على الطفولة فقط، بل يمتد ليشكل أساساً متيناً لحياة البالغين.
  • كما تشير الدراسات: إلى أن العلاقات الإيجابية بين الأشقاء تلعب دوراً حاسماً في تطوير المهارات الاجتماعية والعاطفية للأطفال.
  • كما أن التفاعل المستمر بين الإخوة والأخوات في المنزل يساعد في بناء الثقة بالنفس وتعزيز القدرات التواصلية، ووجود أشقاء داعمين يساهم في توفير بيئة آمنة يشعر فيها الطفل بالحب والانتماء، مما ينعكس إيجاباً على نموه النفسي والاجتماعي.
  • وتؤكد منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف): أن بناء علاقات قوية بين الأطفال وأسرهم يساهم في تعزيز صحتهم النفسية والعاطفية؛ فالبيئة الأسرية الداعمة والمحبة توفر للأطفال الشعور بالأمان والاستقرار، مما يساعدهم في مواجهة التحديات وبناء مستقبل مشرق لهم.

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button