آلية جديدة لتجار بيع الأجهزة الصينية بعد تفشي كورونا
رجل شارف على الستين من عمره، وتجسد ملامحه السمراء خبرته في صيانة الهواتف الذكية، مُنهمكًا في عمله، لعله يستطيع توفير قوت يومه، في ظل ارتفاع الأسعار المُباغتة للجميع منذ الأسبوع المنصرم، لكن أعيتهُ كل الحيل قال “الزبون هرب والحال تدهور في أيام.. كأننا في حلم.. الشارع اللي كان فاتح بيوت كتير من أول الشيالين لحد التجار والصنايعية خلاص حاله وقف قطع الغيار الطاق اتنين أبو 100 جنية بقى 20”.
عاحد عمال صيانة الاجهزة بالمنطقة، تحدث بنفس طريقة تجار التجزئة، مرددًا بعض الكلمات المُستساغة “الكل استغل الحدث كبير وصغير”، إيماءً إلى عدم الرقابة بالشارع “التجار والمستوردين عندها استوك وبيبخ البضاعة شوية بشوية”، تزامن ذلك مع عطلة رأس السنة القمرية بالصين “الكل سافر قبل الإجازة وكانوا عاملين حسابهم لحد شهر مارس.. الخوف من بعد كده”، لاسيما وأن الصين مددت عطلة السنة الجديدة، وهو ما يعود بالسلب على صناعة الهواتف، التي تعتمد بشكل كبير على الصين في التصنيع والمبيعات.
على بعد خطوات، صوت أحد الشباب، بعد تكابد إجهاده وإرهاقه، في محاولة جذب الزبون للترويج لأجهزته الكهربائية “معندناش كورونا يا عالم.. والكراتين والله مفيهاش فيروس”، يمازحه أحد الوافدين “الأسعار الغالية أشد من المرض.. هتحسسنا بعجز وحسرة.. لكن المرض هيموتنا وخلاص”. يلقى عليه السلام آخرون، ويعتدل ليواصل حديثه مع صاحب المحل، “كنت بشتري شاشة تليفون جملة بسعر 300 جنية دلوقتي سعرها وصل 550 جنية، طيب هكسب فيها كام والزبون للأسف مضطر ياخدها.. ولما بكلم المستورد يقولي لما البضاعة تخلص هأكل ولادي طوب”، أومأ بعينه صوب قطعة غيار تسمى “الفونية” سعرها لا يتعدى الجنيهان، ولكن بعد الأزمة الراهنة بالصين وغلق الموانئ الصينية، أصبح سعرها خمس جنيهات “وياريت كده وبس ده بعد كده رفع سعرها التجار المستوردين إلى 50 جنية وبيع بالقطعة.. وطبعا الزبون هياخدها أقل حاجة 100 جنية.. يرضي مين؟”.
تمر الساعات بطيئة وموحشة، على الشارع الذي كان مكتظ طيلة الوقت، ويسلكه جميع الفئات من شتى محافظات الجمهورية “الزبون بقي يطفش”، خاصة مع نقص واردات السلع والخامات المستوردة، متخوفًا من تعطل خطوط الإنتاج المصرية في الكثير من السلع التي تنتجها “احنا بنستورد أكتر الحاجات من الصين وده إللي زود طمع التجار علينا.. ومع حالة الشلل المفروضة على الكل، ارتفاع الأسعار هتتزايد خلال الثلاثة شهور الجاية.. لحد ما الاستوك يخلص من المخازن”.